إلتقاء جيشين .. وحدة وطنية تنبض في عروق الأمة
بقلم: د. إسماعيل الحكيم
الفرق بين الجندي الوطني الغيور والخائن المرتزق العميل ليس في البندقية التي يحملها أو الزي الذي يرتديه، بل في القلب الذي ينبض في صدر كل منهما. الجندي الوطني ينتمي إلى تراب بلده، يحمي حدوده ويصون كرامة شعبه، ولا يُباع ولا يُشترى. لا تُغريه خزائن المال ولا وعود الغرباء. أما الخيانة، فهي لعنة تطارد أصحابها في الحياة وبعد الممات؛ هي أن تبيع وطنك مقابل حفنة من الأموال أو وعود زائفة لا تسمن ولا تغني من جوع. الخائن لا يملك قضية، ولا يعرف الشرف، وعندما تسقط أقنعته، لن يجد لنفسه مكانًا في كتب التاريخ إلا كصفحة سوداء.
في لحظات حرجات من تاريخ الأوطان، تتجلى المواقف وتُصقل المعادن الحقيقية للرجال. وعندها تقف الشعوب على حافة أمل جديد أو هاوية الانقسام والتشظي لتكتب بأفعالها تاريخًا خالدًا من الشرف أو صفحات قاتمة من الخيانة. في السودان اليوم، حيث تختلط أصوات البنادق بآهات الشعب، يظهر مشهد استثنائي يحمل بين طياته كل معاني العظمة والبطولة، وهو التقاء جيشين من جيش السودان العظيم ليصبحا جيشًا واحدًا.
هذا اللقاء الذي تكرر ليس مجرد انصهار عسكري، بل هو وحدة وطنية تنبض في عروق الأمة. إنه رمز لانتصار الحق على الباطل، والوفاء للوطن على العمالة والخيانة التي تولت كبرها المليشيات المتمردة التي باعت الأرض والكرامة. فعندما تتصافح أيادي الجنود الذين قاتلوا في خنادق مختلفة، وتلتقي أرواحهم على هدف واحد، فقد وُلد جيش لا يُهزم. ليس فقط لأنه يحمل السلاح، بل لأنه يحمل قضية وطن إرادةً وعزماً.
عندما يتحد جيشان من أبناء السودان في خندق واحد، فإنهما يرسلان رسالة واضحة لكل متربص: “نحن أمة واحدة، ودماؤنا واحدة، وعدونا مشترك، وقوتنا في وحدتنا، وهذا اللقاء دليلنا الذي سيحطم بإذن الله كل محاولات الفتنة والانقسام التي حاول الأعداء زرعها. وأن السودان ليس دولة تُشترى ولاءاتها، بل وطن يتنفس الكبرياء والكرامة”.
التقاء الجيشين هو إحياء للروح السودانية التي لا تنكسر. وتأكيد أن الوطنية الحقة لا تعترف بالخلافات المؤقتة ولا الارتهان إلى المؤامرات، بل تسعى إلى البناء والتعمير، وزرع بذور الأمل في أرض أرهقتها الحروب زمانًا طويلاً.
عند إلتقاء جيشان على ذات أرض النزال، تتزخرف معاني خالدة من الوحدة، فتظهر الشجاعة الحقيقية وهي أن تضع الخلافات جانبًا من أجل مصلحة الوطن والهوية. كما يتجلى الوفاء وهو أن تكون للوطن أولًا وأخيرًا، ثم الإرادة التي هي أن تنتصر على كل المؤامرات الخارجية وتعيد بناء ما تهدم بثقة وثبات ويقين.
إن توحيد الصفوف ليس خيارًا وتخييرًا، بل هو واجب مقدس، وأيادي السودانيين الشرفاء هي التي ستبني هذا الوطن من جديد. وسيسطر التاريخ هذه اللقاءات كرمز لانتصارات الحق والوطنية على الخيانة والعمالة.
وبإذن الله، هذا السودان لن ينهزم طالما يظل جيشه جيشًا واحدًا، وأبناؤه مخلصين لترابه.