رصد – نافذة السودان
عثمان ميرغني
«أشعر بالخجل لأننا لم نتمكن من حمايتكن، وأشعر بالخجل من أمثالي من الرجال بسبب ما فعلوه»… بهذه الكلمات المؤثرة، خاطب توم فليتشر، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مجموعة من النساء خلال فعالية أقيمت في مدينة بورتسودان، بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة.
فليتشر وصف الوضع بأنه «وباء العنف الجنسي» المنهجي، محذرًا من استمرار وتوسع نطاق هذه الاعتداءات في ظل الحرب الدائرة في السودان، مؤكدًا أن هذا الوضع «غير مقبول».
حرب على أجساد النساء
براميلا باتين، الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالعنف الجنسي في النزاعات، سبق أن وثقت شهادات نساء وفتيات تحدثن عن استخدام العنف الجنسي كوسيلة للإذلال والاستهداف العرقي. في تقريرها الأخير، أشارت إلى انتهاكات واسعة النطاق، تشمل الاتجار بالنساء والاغتصاب الجماعي أمام أفراد الأسرة.
كما وصفت بعثة تقصي الحقائق الأممية حجم العنف الجنسي بـ«المهول»، مؤكدة أن الاعتداءات شملت كافة الأعمار، بما في ذلك الأطفال، مع توثيق حالات اختطاف النساء لاستعبادهن جنسيًا.
اتهامات موجهة لقوات الدعم السريع
في العديد من التقارير، بما فيها تلك الصادرة عن الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية، تم توجيه الاتهامات لقوات الدعم السريع بالمسؤولية عن معظم هذه الجرائم. شهادات النازحين تكشف قصصًا مروعة عن نساء تعرضن للاعتداء الجماعي، وفتيات أجبرن على الانتحار هربًا من العنف.
آثار نفسية ومجتمعية عميقة
الآثار النفسية والاجتماعية لهذه الجرائم تتطلب جهودًا كبيرة للتعافي. من الضروري تخصيص موارد لدعم الناجيات طبيًا ونفسيًا، وتعزيز التوعية المجتمعية لمكافحة الوصمة الاجتماعية التي تعاني منها الضحايا.
كما يجب على الدولة أن تتبنى برامج شاملة تدمج الناجيات في المجتمع، مع الاستفادة من تجارب دول أخرى مثل رواندا التي أدارت قضايا العنف الجنسي عبر محاكم خاصة بعد انتهاء النزاعات.
أهمية المحاسبة وبناء السلام
إن تحقيق العدالة لضحايا العنف الجنسي يستلزم محاكمات شفافة وفعالة، حتى في حال انتهاء الحرب بالمفاوضات. إدراج هذه الجرائم ضمن المحاكم الدولية أو الوطنية يمثل رسالة ردع واضحة لكل الجناة.
إضافة إلى ذلك، فإن تعزيز دور المرأة في عمليات السلام والمصالحة يمثل خطوة حيوية. النساء، اللواتي غالبًا ما يكنَّ في مقدمة ضحايا النزاعات، يمكنهن تقديم رؤى حساسة وشاملة لمعالجة قضايا العنف الجنسي والمساهمة في بناء سلام مستدام.
العنف الجنسي في النزاعات ليس مجرد انتهاك فردي، بل هو جريمة حرب تستلزم تحركًا دوليًا ومحليًا سريعًا لضمان محاسبة المسؤولين وإنصاف الضحايا.