رصد – نافذة السودان
الوصف الدقيق لما يحدث في السودان هو «معركة الغرفة المظلمة»، فليس معلومًا حتى الآن لماذا خرجت بعض الأطراف من «مقبرة الصمت» بعد سنوات طويلة، واستطاعت في وقت قصير أن تسيطر على أجزاء واسعة من البلاد في حرب خاطفة لم تتمكن القوات النظامية من التصدي لها أو إيقاف تقدمها حتى الآن.
والموقف الآن على النحو التالي:
إسرائيل هي المستفيد الأول والأخير، سواء حاربت بجيشها، أو عبر حروب «التدمير الذاتي» للدول المستهدفة. الأوطان لا تموت فقط بسبب الحروب، بل من خيانة أبنائها. وأسوأ ما في الخيانة أنها لا تأتي من عدو.
ما يحدث في السودان يخدم مصالح إسرائيل، ويحقق أهدافها ضمن محاولات مستمرة لإضعاف الدول العربية وإشغالها بصراعات داخلية.
روسيا تجد نفسها في موقف حرج، إذ لا تريد التورط في مزيد من النزاعات بعد استنزافها في أوكرانيا. وبينما تراقب تطورات الأوضاع، تكتفي بإدانات رسمية لبعض الأحداث وتقدم دعمًا محدودًا، حفاظًا على مصالحها الاستراتيجية.
إيران تفسر ما يحدث في السودان ضمن مخطط أوسع تقوده الولايات المتحدة وإسرائيل لزعزعة استقرار المنطقة. وبينما تنشغل بإعادة ترتيب أوراقها في لبنان وسوريا، تبدو غير قادرة على تقديم دعم حقيقي للسودان.
الولايات المتحدة تراقب الوضع عن كثب، وقد تكون ضمن الجهات التي تحاول إعادة ترتيب المشهد السوداني لتحقيق مصالحها في المنطقة، خاصة مع تزايد أهمية موقع السودان الجيوسياسي وثرواته.
أما الجماعات المسلحة التي تسيطر على بعض المناطق السودانية، فهي أقوى أدوات التدمير الذاتي للدولة، وارتكبت جرائم شنيعة بحق المدنيين والقوات النظامية. ومنذ سنوات، انضمت إليها مجموعات جديدة أطلقت على نفسها تسميات تحمل شعارات ثورية أو دينية، لكنها تمارس العنف وتزيد من تعقيد المشهد.
السيناريو الأسوأ هو استمرار تقسيم السودان إلى مناطق نفوذ متعددة تحت سيطرة أطراف متناحرة، ما يهدد بتمزيق النسيج الوطني. ومع ذلك، يبقى الأمل معقودًا على قدرة القوات النظامية والشعب السوداني على استعادة زمام الأمور وتوحيد البلاد مثلما حدث في مراحل تاريخية سابقة.