د. إسماعيل الحكيم يكتب.. البرهان بين ميادين النزال وساحات الآمال

اسماعيل الحكيم

الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، قائد حرب الكرامة قبل أن يكون قائداً للجيش، لم يكن مجرد اسم في قائمة القادة العسكريين، بل هو رجل تجسّدت فيه معاني القيادة الحقيقية والشجاعة النادرة. لم يكتفِ بالإشراف على المعركة من بعيد، بل اختار أن يكون مع جنوده في الخطوط الأمامية، يشاركهم الميدان خطوة بخطوة، يثمن تضحياتهم، ويحيي صمودهم.

القائد في قلب المعركة

في تاريخ الأمم، لا يُخلَّد القادة الذين جلسوا في الأبراج العاجية وأصدروا الأوامر من خلف المكاتب، بل يُخلَّد أولئك الذين نزلوا إلى ميادين المعركة، وخاضوا لهيب النزال، وساروا مع جنودهم قدماً بقدم وكتفاً بكتف، يقاسمونهم الدواس كما يقاسمونهم النصر. هؤلاء هم القادة الذين لا تُشترى هيبتهم بالمناصب، ولا تُباع انتماءاتهم بأي ثمن، بل يكتبون بدمائهم وعرقهم في ساحات الشرف والتضحيات.

وحينما يكون القائد بين جنوده، يشعرون أن النصر بات أقرب بإذن الله، وهم أهله وأحق به، وأن التضحيات التي يقدمونها تجد منه حق التقدير. وحينما يكون القائد بين شعبه، يُدرك المواطنون أنهم ليسوا متروكين في معركتهم المصيرية، بل هناك رجل يقود المسيرة وخلفه رجال، يشاركهم آلامهم وآمالهم، يشكر لهم وقوفهم مع جيشهم، ويبشرهم بأن الصبر على المحنة ليس إلا مقدمةً للنصر القادم بإذن الله.

قيادة تربك الأعداء

وهكذا نرى الفريق البرهان ليس قائداً عسكرياً فحسب، بل رمزاً لوحدة المقاتل مع قائده، والقائد مع شعبه. فحين يزور الجبهات ويتفقد سير المعركة بنفسه، فكأنه يشدُّ على أيدي الرجال الصامدين، ويُحيي الأبطال الذين يسطرون بدمائهم فصولَ المجد، ويُذكّرهم بأن تضحياتهم لن تضيع سدى، بل هي الطريقُ إلى سودانٍ أكثر عزّةً وكرامةً وأمناً.

في المقابل، فإن هذا المشهد يثير جنون الأعداء والمرتزقة، ويملأ قلوب العملاء والخونة غيظاً، لأنهم يعلمون أن ما يفعله البرهان هو ما عجزوا عن فعله. فمليشيا الدعم السريع التي ولدت من رحم الخيانة والغدر، لا تملك قائداً يثق بجنوده، ولا جنوداً يثقون بقائدهم. هم جيشٌ بربري بلا روح، ومرتزقة بلا عقيدة. أما الذين اختاروا الخيانة موقفاً، ووقفوا في صف الأعداء، فلا تزيدهم هذه المشاهد إلا حقداً وغيظاً، لأنهم يدركون أن المشروع الذي يخدمونه آيلٌ إلى السقوط والزوال، وأن السودانَ لن يُحكمَ إلا بأيدي أبنائه الشرفاء، ما دامت فيهم أعين تطرف وقلوب تنبض.

نهاية المعركة وكتابة التاريخ

حين يتقدم القائد صفوفَ المقاتلين متفقداً لهم، وحين تلتفُّ الأمةُ حول جيشها وقائدها، فليس مشهداً عابراً أو ظهوراً إعلامياً، إنما هو إعلانٌ بأن النهاية قد اقتربت، وأن الظلم لا يمكن أن يصمد أمام الحق مهما طال الزمن. حرب الكرامة ليست معركة سلاحٍ فقط، بل هي معركةُ إرادة وهوية، ومن كان قائده في الميدان، وجيشه يقاتل بعقيدة عنوانها الله والوطن، وشعبه يؤمن بقضيته ومجده، فلا خوفَ عليه، ولا شكَّ في نصره.

هذه الحرب ستنتهي بإذن الله، طال زمانها أو قصر، لكن التاريخ لن ينسى من وقف في صف الوطن، ومن خانه، ومن قاتلَ من أجل عزته، ومن باعه بأبخس الأثمان. وحين يُرفعُ علمُ السودان منتصراً، سيعرف الجميع أن النصرَ لم يكن صدفة، بل كان ثمرة قيادة تؤمن بجنودها، وشعب يؤمن بجيشه، وقضية عادلة لا تعرف التراجع.

حفظ الله السودان قيادةً وشعباً..

اضغط هنا للإنضمام الي مجموعاتنا في واتساب

مقالات ذات صلة

اسماعيل الحكيم

د. إسماعيل الحكيم يكتب.. جياد للصناعات الهندسية: قصة صمود وتحول الدمار إلى إعمار

IMG 20241214 WA0001

شاذلي عبدالسلام محمد يكتب — حمامات المستشفيات إهمال يهدد الصحة والكرامة “عار عليكم”

شاذلي عبدالسلام محمد

الإعلام بوابة العقل بين الوعي والإيحاء – أ/شاذلي عبدالسلام محمد

IMG 20241218 WA0030

قوات العمل الخاص.. فخر الدفاع وشرف التضحية