الرِّهان على الاستقرار.. لا على الأوهام.. بقلم – شاذلي عبدالسلام محمد

شاذلي عبدالسلام محمد

يبدو أن بعض الأقلام الصحفية تنظر إلى المشهد السياسي بعدسة ضيقة، تفسر الأحداث وفق تصورات مسبقة بعيدًا عن التعقيد الحقيقي للواقع. ففي مقاله الأخير، ذهب الكاتب عثمان ميرغني إلى استنتاج قاطع بأن الفريق أول عبد الفتاح البرهان “لا يفكر في التخلي عن السلطة في المستقبل القريب”، معتبرًا أن كل الحديث عن الانتخابات والفترة الانتقالية مجرد “استدراج زمني غير محدد”، في إشارة إلى أن السلطة الحالية تسعى فقط لكسب الوقت دون نية حقيقية للانتقال الديمقراطي.

🔹ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: من قال إن البرهان يسعى للسلطة أصلًا؟

ألم يكرر في أكثر من مناسبة التزامه بتسليم الحكم لحكومة منتخبة؟ أم أن البعض يرى في كل خطوة نحو الاستقرار مجرد “مناورة” يجب التشكيك فيها؟

افتراض أن كل تأخير في العملية الانتقالية هو بالضرورة مخطط للبقاء في الحكم هو قراءة قاصرة تتجاهل الحقائق على الأرض، بل وتتغاضى عن التعقيدات الأمنية والسياسية التي تواجهها البلاد.

🔹السودان يواجه أزمة وجودية.. لا خلافًا سياسيًا عاديًا

إن المطلوب في هذه المرحلة هو حلول واقعية، لا خطابات تهويلية. فهل المطلوب أن يترك الجيش الدولة في حالة فراغ كامل؟ أم أن هناك تصورًا واقعيًا لإدارة المرحلة غير الشعارات الفضفاضة؟

إن الدعوة إلى تسليم السلطة فورًا دون وجود أرضية سياسية مستقرة أو توافق وطني حقيقي هي في الواقع دعوة إلى الفوضى لا إلى الديمقراطية.

🔹المشكلة ليست في “من يحكم”.. بل في “كيف يحكم” السودان؟

المسألة ليست في بقاء البرهان خلال الفترة الانتقالية، بل في غياب مشروع وطني حقيقي قادر على إخراج البلاد من هذا النفق. وإذا كان البعض يصر على تصوير كل تأخير في الانتقال بأنه “مؤامرة”، فهل لديهم بديل عملي يمكن تطبيقه فورًا دون أن يؤدي إلى فوضى شاملة؟

أم أن المطلوب فقط هو تغيير الوجوه دون معالجة جذور الأزمة السياسية والاقتصادية التي تعاني منها البلاد؟

🔹الرهان على الاستقرار.. لا على الأوهام

لا يمكن بناء وطن بالاستنتاجات العاطفية أو بإثارة المخاوف من النوايا، بل بطرح خيارات واضحة تتجاوز مرحلة التشكيك إلى ميادين العمل الحقيقي.

السودان يحتاج إلى رؤية استراتيجية تضع الأمن والاستقرار كأولوية، لأن أي انتقال غير محسوب العواقب لن يكون سوى قفزة في المجهول، وقد يدفع ثمنها الشعب الذي يدعي البعض أنهم يتحدثون باسمه.

إلى أن نلتقي…

10 فبراير 2025م

اضغط هنا للإنضمام الي مجموعاتنا في واتساب

مقالات ذات صلة

شاذلي عبدالسلام محمد

شاذلي عبدالسلام محمد يكتب.. فلسفة العطاء.. عندما تتحول المؤسسات إلى عائلات

IMG 20241214 WA0001

شاذلي عبدالسلام محمد يكتب — حمامات المستشفيات إهمال يهدد الصحة والكرامة “عار عليكم”

اسماعيل الحكيم

د. إسماعيل الحكيم يكتب – هل أنت مستعد؟

IMG 20241214 WA0001

تحرير ود مدني.. انتصار الإرادة السودانية – بقلم أ/شاذلي عبدالسلام محمد