تشاد ترفض إقامة امتحانات الشهادة السودانية: لماذا؟
بقلم: د. إسماعيل الحكيم
رفضت الحكومة التشادية تمكين حوالي 13,000 طالب سوداني من أداء امتحانات الشهادة السودانية المؤجلة على أراضيها بسبب الحرب الدائرة في السودان. قرار يحمل أبعادًا سياسية وأمنية ودبلوماسية معقدة، يعكس التحولات في العلاقة بين البلدين وتحديات الإقليم.
تحول في العلاقات السودانية-التشادية
منذ عهد الرئيس التشادي الراحل إدريس ديبي، الذي كان حليفاً استراتيجياً للسودان، كانت العلاقات بين البلدين تقوم على شراكات سياسية وأمنية متينة. لكن وفاة ديبي وصعود قيادة جديدة في تشاد، إلى جانب انهيار نظام الإنقاذ في السودان، أفسح المجال لتحولات عميقة أدت إلى توتر العلاقات بين الجارين.
تداعيات الصراع السوداني
اندلاع الحرب بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع تسبب في تداعيات إقليمية واسعة، دفعت تشاد إلى إعادة تقييم دورها وعلاقاتها مع السودان. ومع تزايد الضغوط الأمنية والسياسية، تسعى تشاد إلى المحافظة على حيادها وتجنب الانحياز لأي طرف، خوفاً من تفاقم التوترات في الإقليم.
أسباب رفض تشاد إقامة الامتحانات
الاعتبارات الأمنية:
الامتحانات تتطلب حشوداً طلابية وترتيبات لوجستية وأمنية مكثفة، وهو ما تخشى تشاد أن يُستغل كغطاء لتهريب مقاتلين أو أسلحة عبر الحدود.
الأعباء الاقتصادية والاجتماعية:
تشاد تستضيف بالفعل آلاف اللاجئين السودانيين، مما يشكل عبئاً ثقيلاً على مواردها المحدودة. وتعتقد أن إقامة الامتحانات قد تؤدي إلى موجة جديدة من تدفق اللاجئين.
التأثير على نظامها الداخلي:
تعتبر الحكومة التشادية أن تمكين الطلاب السودانيين من أداء الامتحانات على أراضيها قد يُفسر كتحملها مسؤوليات تعليمية كان على الحكومة السودانية أن تضطلع بها.
رسالة سياسية ودبلوماسية:
تشاد، بهذا الرفض، تسعى إلى الضغط على السودان لتحمل مسؤولياته تجاه مواطنيه، مع دعوة المجتمع الدولي لتحمل نصيبه من أعباء الأزمة السودانية.
من عهد إدريس ديبي إلى الحاضر
في عهد إدريس ديبي، كانت تشاد تدعم السودان في قضايا السلام، خاصة في دارفور، واستضافت آلاف اللاجئين دون تردد. ولكن مع وفاة ديبي، تغيرت التوجهات السياسية، وأصبح الموقف التشادي أكثر حذراً وأقل مرونة تجاه السودان.
انعكاسات القرار على العلاقات الثنائية
رفض تشاد إقامة الامتحانات يعكس تغيراً عميقاً في العلاقات الثنائية بين البلدين. إذ يمثل القرار خروجاً عن سياسة الدعم والوساطة التي كانت سائدة في السابق، وهو ما يشير إلى قطيعة دبلوماسية متزايدة بين البلدين.
ختاماً: الأزمة السودانية إلى أين؟
إن رفض تشاد السماح للطلاب السودانيين بأداء امتحاناتهم ليس مجرد إجراء داخلي، بل هو انعكاس لتحديات إقليمية ودولية أوسع. الأزمة السودانية لم تعد مقتصرة على الصراع العسكري، بل امتدت لتشمل التعليم، الأمن، والاستقرار المجتمعي.
هذا الواقع يدعو إلى حلول إقليمية ودولية شاملة تتجاوز الحلول الجزئية لتشمل معالجة جذرية لأزمات السودان، وضمان مستقبل أفضل لأبنائه في الداخل والخارج.