رأي إعلامي:
في يوم بارد، وبينما كنت أتصفح مواقع التواصل الاجتماعي كالمعتاد، توقفت عند فيديو لاحتفال حافل من جامعة كردفان، وتحديدًا من كلية التجارة. بدا المشهد في البداية مألوفًا: فتاة ترتدي فستانًا بهيًا، مزينة بمكياج صارخ ومجوهرات براقة، تحيط بها زميلاتها يرقصن ويضحكن في أجواء مفعمة بالألوان الصاخبة. للحظات، ظننت أنني أشاهد حفل زفاف، لكنني أدركت سريعًا أنه كان مجرد احتفال تخرج.
التخرج: بين العلم والمظاهر
هل هذا هو التخرج الذي يفترض أن يعكس سنوات من الجد والاجتهاد الأكاديمي؟ أم أنه أصبح مجرد مهرجان يطغى عليه التفاخر بالمظاهر؟ شعرت بحزن عميق عندما أدركت أن هذه الظاهرة ليست مقتصرة على جامعة كردفان، بل تتكرر في العديد من الجامعات السودانية، حيث تختلط قيم التعليم بثقافة استعراضية لا تمت للعلم بصلة.
أين قيم العلم؟
التخرج يجب أن يكون لحظة تعكس حصيلة الفكر والعمل الأكاديمي، لكن ما شهدته كان انعكاسًا لحالة من الانفصال بين الفكر والواقع، وهروبًا جماعيًا إلى عالم زائف من المظاهر. هل أصبحنا نحتفل بما يشبه “حنة التخرج”، بدلًا من الاحتفال بجهودنا الفكرية؟
مسؤولية التعليم
هذه المظاهر ليست مجرد تقليد عابر، بل هي استنساخ لفراغ ثقافي عميق. من سمح بتحول الجامعات إلى ساحات للمظاهر؟ وأين دور الإدارات الجامعية في ضبط الأولويات وإعادة التركيز على القيمة الحقيقية للتعليم؟
رسالة للمسؤولين
إلى جامعة كردفان، وخاصة كلية التجارة: هل أنتم راضون عما حدث؟ وهل لديكم خطة لمعالجة هذه الظواهر التي تشوه صورة التعليم العالي في البلاد؟
نحو تغيير جذري
نحن بحاجة إلى مراجعة جذرية للمفاهيم الجامعية، وإعادة التخرج إلى مكانته كحدث يُكرم الإنجاز الأكاديمي والفكري، لا كمنصة لاستعراض الأزياء والمظاهر.
ختامًا
ما شاهدته لم يكن مجرد فيديو، بل جرس إنذار يدعونا للتساؤل عن مصير هذا الجيل. إذا لم نتحرك الآن، فإننا نخاطر بمستقبل يغلب عليه الفراغ الفكري وتسيطر عليه المظاهر.
– حتى نلتقي –
16 يناير 2025م