تقرير | نافذة السودان
أعلنت القوات المسلحة السودانية السيطرة الكاملة على مدينة ود مدني، إحدى أهم المدن الاستراتيجية في ولاية الجزيرة، بعد معارك ضارية مع قوات الدعم السريع. وأكد الجيش استعداده لدخول العاصمة الخرطوم “في أي لحظة”، في إطار عملياته العسكرية المستمرة لاستعادة السيطرة على كافة مناطق البلاد.
تصريحات قائد الدعم السريع
في تسجيل صوتي بثته وسائل إعلام محلية، أقرّ قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، بخسارة قواته لمدينة ود مدني. لكنه توعد باستمرار القتال قائلاً: “سنقاتلهم 21 عاماً”، في إشارة إلى عزمه مواصلة الحرب رغم التقدم الملحوظ للجيش.
وفي تغريدة على منصة “إكس”، قال الباشا طبيق، مستشار قائد الدعم السريع: “انسحاب قوات الدعم السريع من مدني لا يعني الهزيمة ولا خسارة المعركة.. مسيرة النضال مستمرة ولو استمرت الحرب لمدة ألف عام”.
أهمية ود مدني
مدينة ود مدني تُعتبر إحدى البوابات الاستراتيجية التي مكّنت قوات الدعم السريع سابقاً من توسيع نفوذها في المناطق الوسطى للسودان، بما فيها ولايتا الجزيرة وسنار. وتكتسب المدينة أهمية جيوسياسية لكونها حلقة وصل بين شرقي، غربي، وجنوبي السودان، إضافة إلى أنها تقع في واحدة من أكثر المناطق الزراعية خصوبة في البلاد.
ماذا يعني هذا التقدم؟
قال المحلل السياسي السوداني، محمد تورشين، إن السيطرة على ود مدني “تحوّل كبير لصالح الجيش”، مشيراً إلى أنها تمثل نجاحاً في إعادة تعديل موازين القوى قبل أي مفاوضات سياسية مستقبلية.
بدوره، أوضح الباحث في شؤون النزاعات، بابكر فيصل، أن التقدم العسكري الأخير يعكس استراتيجية الجيش في فرض السيطرة على الأرض قبل أي تفاوض، وخصوصاً في مناطق الخرطوم وود مدني التي تمثل مراكز حيوية في النزاع.
استمرار الحرب وتحديات المفاوضات
رغم المكاسب العسكرية، يرى تورشين أن استمرار الحرب لفترات طويلة قد يعمّق الأزمة السودانية، مشدداً على ضرورة وجود حلول سياسية تضمن دمج الفصائل المسلحة في الجيش ومحاسبة مرتكبي الجرائم.
ومع ذلك، قال إن قوات الدعم السريع قد ترفض أي تفاهمات تفضي إلى تفكيكها أو تقليص نفوذها، مضيفاً أن تصريحات حميدتي بمواصلة القتال لفترة طويلة تعكس هذا التوجه.
العقوبات الدولية وتأثيرها
فرضت الولايات المتحدة عقوبات على قائد الدعم السريع حميدتي وعدد من قادة قواته بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك عمليات اغتصاب وقتل جماعي.
ورغم هذه العقوبات، يقول تورشين إنها قد لا تكون كافية لردع قوات الدعم السريع بسبب الدعم المستمر الذي تتلقاه من بعض الجهات الإقليمية، مثل الإمارات، التي تنفي الاتهامات المتكررة بدعمها للقوات.
الوضع الإنساني المأساوي
الحرب في السودان تسببت في نزوح أكثر من 12 مليون شخص ومقتل عشرات الآلاف. ويحتاج نحو 30 مليون سوداني إلى المساعدة الإنسانية، وسط تحذيرات أممية من تفاقم المجاعة في عدة مناطق، خصوصاً مخيمات اللاجئين والنازحين.
بينما يستمر التصعيد العسكري، يظل التساؤل قائماً حول مدى قدرة الطرفين على الوصول إلى تسوية سياسية توقف نزيف الدم وتنقذ البلاد من مزيد من الانهيار.