رصد – نافذة السودان
تقرير خاص
شهدت ولاية الفاشر تفاقماً كبيراً للأوضاع الإنسانية والأمنية منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023، حيث أدى الصراع إلى انهيار شبه كامل في الخدمات الأساسية، وزيادة معدلات النزوح والفقر. وتزايدت الضغوط على المجتمعات المحلية بسبب استقبال أعداد كبيرة من النازحين، مما عمّق المعاناة وأدى إلى تفاقم التحديات المعيشية والأمنية.
تجنيد الأطفال واستغلال الأوضاع المعيشية
أشارت تقارير حقوقية حديثة إلى قيام الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في ولاية شرق دارفور باستغلال الأوضاع المعيشية الصعبة لتجنيد الأطفال دون سن الثامنة عشرة. وتُظهر البيانات أن الأطفال القُصّر يشكلون حوالي 60% من المجندين، حيث يمثل ما يُعرف بـ”دافع الغنيمة” المحرك الرئيسي لهذه العمليات. كما تورطت بعض الإدارات الأهلية في حملات التعبئة، مما فاقم الأزمة.
انتشار الذخائر والمخاطر الأمنية
أدى انسحاب الجيش من بعض المناطق إلى انتشار كميات كبيرة من الذخائر والأسلحة بين أيدي المواطنين، بما في ذلك قاذفات “آر بي جي”، وقذائف الهاون، وذخائر المدافع. وأصبحت هذه المواد القاتلة سبباً في وقوع العديد من الحوادث المأساوية، حيث كان الأطفال أبرز ضحاياها.
من بين هذه الحوادث:
انفجار ذخيرة “دوشكا” أدى إلى بتر أصابع أحد الأطفال. إصابة فتاة بطلق طائش استقر في ظهرها.
أكد التقرير أن وجود هذه الأسلحة في منازل مشيدة بمواد محلية قابلة للاشتعال يشكل تهديداً كارثياً، ما قد يؤدي إلى تفجيرات واسعة في حال حدوث حرائق.
تدهور الوضع المعيشي وارتفاع الأسعار
مع توقف معظم المؤسسات الحكومية والخدمية، شهدت المنطقة ارتفاعاً حاداً في أسعار السلع الأساسية:
250,000 جنيه لجوال الدخن. 230,000 جنيه لجوال الذرة. 20,000 جنيه لجالون البنزين.
هذا الوضع أجبر العديد من النساء والأطفال على التسول في الأسواق والاعتماد على المساعدات الإنسانية غير الكافية.
النزوح والتغير الديموغرافي
تحولت محلية عديلة إلى مركز رئيسي لاستقبال النازحين، حيث تم إيواؤهم في أربعة مراكز تفتقر إلى الاحتياجات الأساسية مثل مواد الإيواء والطعام. كما أدى النزوح إلى تغييرات ديموغرافية كبيرة وزيادة سكانية بلغت أكثر من 200,000 نسمة، بينهم آلاف الأطفال والنساء الذين يعانون من أوضاع صعبة.
التوصيات والحلول المطلوبة
خلص التقرير إلى عدد من التوصيات لمعالجة الأزمة، من أبرزها:
نزع الذخائر والأسلحة المنتشرة بين المدنيين. وقف تجنيد الأطفال ومحاسبة الجهات المتورطة. تعزيز المساعدات الإنسانية وتحسين الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة والتعليم والمياه. توفير برامج لرفع الوعي بين الشباب والأطفال لمحاربة ثقافة الحرب.
وأكد التقرير على أهمية التركيز على حماية النساء والأطفال باعتبارهم الفئة الأكثر تضرراً من النزاع.
ختاماً
تمثل أزمة شرق دارفور نموذجاً معقداً للأزمات الناتجة عن الحروب، حيث تداخلت المآسي الإنسانية مع التحديات الأمنية والمعيشية. ورغم هذه الصعوبات، فإن الاستجابة الفعّالة من المنظمات الدولية والمحلية قد تسهم في تخفيف المعاناة وتحقيق الاستقرار.