رصد – نافذة السودان
بعد أكثر من عام ونصف على اندلاع الحرب في السودان، يستمر النزوح الجماعي بوتيرة غير مسبوقة، حيث تُجبر آلاف العائلات على مغادرة منازلها يوميًا هربًا من القتال والتدهور المعيشي والصحي. وتشير التقارير إلى أن أكثر من نصف النازحين، والذين يُقدّر عددهم بـ11.3 مليون شخص، اضطروا للنزوح أكثر من مرة، بل وتكررت رحلة نزوح بعضهم أربع مرات بحثًا عن ملاذ آمن.
قصص مأساوية تتكرر
من بين هذه القصص، تروي سناء الشيخ، إحدى النازحات، معاناتها منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023. تركت منزلها في جنوب الخرطوم، واتجهت إلى مدينة مدني، لكنها اضطرت للنزوح مجددًا بعد وفاة ابنها وابنتها في وجهتين مختلفتين. تقول الشيخ: “لقد دفنت أولادي في مدينتين مختلفتين، ولم يعد أمامنا سوى التنقل المستمر هربًا من الحرب.”
في السياق نفسه، وصفت سلمى أحمد، نازحة أخرى، رحلتها الشاقة بين الخرطوم ومدينة عطبرة، بأنها كابوس مستمر. تقول سلمى: “كلما شعرنا بأننا وجدنا مكانًا آمنًا، نُجبر على الفرار مجددًا بسبب توسع دائرة الحرب.”
وضع إنساني كارثي
وصف وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، توم فليتشر، الأزمة السودانية بأنها “الملحمية الأسرع في العالم”. في ختام زيارته للسودان، أشار فليتشر إلى معاناة 26 مليون شخص من الجوع، وارتفاع معدلات سوء التغذية بين الأطفال، وانتشار الأمراض مثل الكوليرا والملاريا. وأضاف: “العالم لا يستجيب بالشكل المطلوب لهذه الكارثة الإنسانية.”
عودة محفوفة بالمخاطر
تحت ضغط الظروف المعيشية القاسية، اضطر بعض النازحين للعودة إلى منازلهم في الخرطوم، لكنهم وجدوا أنفسهم عالقين بين قصف مستمر ونقص حاد في الخدمات. عثمان العاقب، أحد سكان ضاحية الحاج يوسف، صبر لأكثر من 18 شهرًا قبل أن يقرر مغادرة منزله بسبب انتشار الأمراض والجريمة. يقول العاقب: “حاولنا التأقلم مع الوضع، لكن القصف العشوائي وسوء التغذية جعل البقاء مستحيلًا.”
رحلة بلا أفق
مع تزايد رقعة الحرب لتشمل أكثر من 70% من مساحة السودان، تضيق الملاذات الآمنة أمام النازحين. في ظل هذا الوضع، يبقى مصير الملايين مجهولًا، مع تزايد الحاجة إلى تدخل إنساني عاجل لمعالجة الأزمة الإنسانية الأسوأ في العالم.