لم يكن أحد في أسيوط يتوقع أن تسدل قوات الأمن الستار على أخطر المطلوبين بهذه السرعة، لكن العملية الأمنية الحاسمة جاءت لتُنهي فصلاً طويلًا من الجرائم التي أرعبت الأهالي.
ففي مواجهة شرسة، استطاعت الأجهزة الأمنية تصفية محمد محسوب، المعروف إعلاميًا بـ”خط الصعيد الجديد”، برفقة سبعة من أخطر العناصر الإجرامية، بعد اشتباك عنيف داخل وكرهم المحصّن في قرية العفادرة بمركز ساحل سليم.
محمد محسوب.. رحلة الدم والسطوة
برز اسم محمد محسوب إبراهيم أحمد، الملقب بـ”خط الصعيد الجديد”، كأحد أخطر زعماء العصابات في جنوب مصر، حيث بدأ نشاطه في سرقة الماشية وتجارة المخدرات، قبل أن يتحول إلى زعيم عصابة مسلحة نفذت عشرات العمليات الإجرامية.
تراكمت سجلاته الجنائية حتى بلغ عدد القضايا المسجلة ضده 44 قضية، تنوعت بين القتل العمد، الشروع في القتل، حيازة الأسلحة الثقيلة، السرقة بالإكراه، والاتجار بالمخدرات، وصدر بحقه أحكام بالسجن المؤبد بلغ مجموعها 191 عامًا.
أدرك محسوب أن سقوطه مسألة وقت، لذا لجأ إلى المناطق الجبلية، حيث شيّد ملاذًا محصّنًا بالخنادق والدشم لحماية نفسه ومجموعته المسلحة، واستمر من هناك في فرض نفوذه، مستعينًا بترسانة ضخمة من الأسلحة لمواجهة أي محاولة للقبض عليه.
معلومات استخباراتية تُحرك الأجهزة الأمنية
كشفت تحريات قطاع الأمن العام عن تحركات محسوب ومساعديه داخل أحد المباني المحصّنة بقرية العفادرة، وهو موقع تم تجهيزه ليكون حصنًا منيعًا ضد المداهمات الأمنية.
فور التأكد من صحة المعلومات، وُضعت خطة أمنية دقيقة لتنفيذ عملية الاقتحام، بمشاركة وحدات متخصصة من الأمن المركزي، مدعومة بالقناصة وقوات التدخل السريع، مع الأخذ في الاعتبار التسليح الثقيل الذي تمتلكه العصابة.
الاقتحام.. ليلة الرعب في العفادرة
مع ساعات الفجر الأولى، تحركت القوات نحو الهدف، وفرضت طوقًا أمنيًا محكمًا حول المبنى المستهدف.
إلا أن المفاجأة جاءت عندما فتح رجال محسوب نيرانًا كثيفة من أسلحة آلية ومدافع رشاشة، تزامنًا مع إطلاق قذيفة “آر بي جي” على إحدى سيارات الشرطة في محاولة لعرقلة التقدم الأمني.
لم تتراجع القوات، بل ردت بكثافة نارية أجبرت عناصر العصابة على التراجع التدريجي. حاول محسوب الهرب عبر نفق سري، لكن رصاصات القناصة كانت أسرع، فأردته قتيلًا وسط مساعديه.
ومع سقوطه، انهارت مقاومة المجموعة بالكامل، ليتم تصفية سبعة من أخطر العناصر، فيما أُصيب ضابط من القوات خلال العملية.
ترسانة الموت.. مفاجآت داخل وكر العصابة
بتأمين الموقع، عثرت القوات على مخزون هائل من الأسلحة، شمل 73 بندقية آلية، مدافع رشاشة، قاذفات قنابل، وكمية ضخمة من الذخيرة، إضافةً إلى كميات كبيرة من المخدرات، ما كشف حجم النشاط الإجرامي للعصابة.
ردود فعل واسعة.. وعودة الأمان إلى الصعيد
أثار نجاح العملية ارتياحًا كبيرًا بين أهالي أسيوط، حيث أكد السكان أن سقوط محسوب أنهى سنوات من الرعب الذي فرضته عصابته.
فيما أشادت قيادات أمنية بالعملية، مؤكدين أن الدولة لن تسمح بظهور بؤر إجرامية مماثلة مجددًا، حيث يتم حاليًا تنفيذ حملات أمنية لضبط أي عناصر متبقية كانت على ارتباط بالعصابة.
ما بعد النهاية.. هل يظهر “خط صعيد” جديد؟
بعد سقوط محسوب، يبقى السؤال: هل يمكن أن يظهر مجرم آخر يسير على خطاه؟ الخبراء الأمنيون يؤكدون أن الأجهزة الأمنية باتت أكثر يقظة، ولن تسمح بإعادة إنتاج مثل هذه الظواهر.
ومع استمرار الحملات الأمنية، يبدو أن الصعيد يستعيد استقراره، وأن عصر “خط الصعيد” قد أصبح جزءًا من الماضي.
اضغط هنا للإنضمام الي مجموعاتنا في واتساب