في مشهد مهيب، ودّعت منطقة الحتانة بمحلية كرري أكبر معمرة في السودان الحاجة عائشة عثمان رحمة، التي توفيت عن عمر ناهز 130 عامًا، بعد حياة طويلة زاخرة بالعطاء والحيوية، لتكون من أقدم المعمرين الذين شهدوا تحولات السودان على مدى أكثر من قرن.
الحاجة عائشة، أكبر معمرة التي انتقلت إلى جوار ربها صباح الثلاثاء 14 يناير 2025، الموافق 14 رجب 1446هـ، عاصرت أحداثًا تاريخية كبرى، بدايةً من العهد التركي مرورًا بالحكم الإنجليزي، فاستقلال السودان، وانتهاءً بالتحولات الحديثة.
وقد شُيّع جثمانها إلى مقابر السرحة بمدينة النيل، بحضور حاشد من أهلها ومحبيها، في وداع مؤثر يعكس مكانتها في المجتمع.
جذور تمتد في عمق التاريخ
تنحدر الفقيدة من منطقة الكتياب بمحلية المتمة في ولاية نهر النيل، حيث ينتمي والدها إلى قبيلة الجعليين، بينما ترجع أصول والدتها إلى العثمانيين الأتراك.
هاجر والدها إلى المقرن بالخرطوم، ثم استقر في الحتانة، حيث نشأت الحاجة عائشة وأمضت معظم حياتها.
عرفت المنطقة التي عاشت فيها بمهن صيد الأسماك، وصناعة الطوب الأحمر، ونقل مواد البناء، حيث كان سكانها يعتمدون على الحرف التقليدية في كسب معيشتهم.
حياة استثنائية وحيوية نادرة
على الرغم من عمرها الطويل، احتفظت الحاجة عائشة بنشاطها اللافت، حيث كانت تخدم نفسها بنفسها حتى أيام قليلة قبل وفاتها.
كانت تنظف منزلها، وتغسل ملابسها، وتشارك في المناسبات سيرًا على قدميها، مما جعلها رمزًا للقوة والصحة بين أهل منطقتها.
تزوجت الحاجة عائشة من الحاج محمد العوض محمد، الشهير بـ”ود العوض”، ورزقت منه بعدد من الأبناء، بينهم توأمان (الخضر والياس) وتوأمتان (أم الحسن وأم الحسين)، إضافة إلى النعيمة وأربعة أبناء آخرين.
رحيل شاهد على التاريخ
برحيل الحاجة عائشة عثمان، يفقد السودان أحد أقدم معمراته، وشاهدة على أكثر من 130 عامًا من التحولات الاجتماعية والسياسية،وبينما يودّعها أهلها ومحبوها، تظل سيرتها نموذجًا للحياة البسيطة، والقوة، والتاريخ الحي الذي لا يُنسى.
اضغط هنا للإنضمام الي مجموعاتنا في واتساب