الشهادة السودانية الثانوية: تحدٍّ يكتبه التاريخ
بقلم: د. إسماعيل الحكيم
(1-3)
وسط أجواء الحرب وآلامها، يتألق نموذج يُلهم الأجيال ويدفع حدود المستحيل. إنهم طلاب الشهادة السودانية الثانوية الذين لم ترهبهم أصوات المدافع ولا أوجاع النزوح. اختاروا المواجهة بعزيمة تعانق السماء، وحوّلوا قاعات الامتحانات إلى ميادين للتضحية العلمية، وصفحات الكتب إلى دروع في معركة البناء والنهضة.
فالحرب لا تميز بين أحد، تطال الجميع دون استثناء. ورغم فقدان الكثيرين للأمل أمام الدمار، أصر هؤلاء الطلاب، فلذات أكبادنا، على الاستمرار. يستذكرون دروسهم على ضوء الشموع أو في مخيمات النزوح، متحدين نقص المعلمين والمناهج، ولكنهم لم يفقدوا الأمل.
إن إصرار طلاب الشهادة السودانية يعكس روحاً قادرة على التغلب على أقسى الظروف. لقد أدركوا أن العلم ليس مجرد شهادة، بل سلاح يُبنى به المستقبل ورمز للمقاومة ضد محاولات طمس أحلامهم. التحدي الذي يخوضونه ليس مجرد امتحان دراسي؛ إنه امتحان في الحياة نفسها.
هؤلاء الطلاب اليوم هم قدوة لجيل كامل، يمثلون القادة الذين يحتاجهم السودان غداً. قادة يعرفون معنى التضحية ويدركون أن بناء الأوطان يبدأ بالعقول المبدعة والنفوس الصابرة.
لذلك، يجب علينا دعم طلابنا في مسيرتهم وتسليط الضوء على قصصهم كنماذج تُلهم الأجيال القادمة. يجب أن تكون رسالتنا واضحة: السودان، رغم جراحه، يولد من بين ألمه جيل يبني، يبتكر، ويقود.
من أي مكان نقف فيه، لا يسعنا إلا أن نحيي عزيمة طلابنا. فهم ليسوا طلاباً فقط، بل رموزاً للصمود والتحدي، ومصابيح أمل تضيء طريق السودان نحو مستقبل مشرق.