رصد – نافذة السودان
في محاولة جديدة لحل الأزمة السودانية المستمرة منذ 19 شهراً، استضافت مدينة مونترو السويسرية جلسة حوار رابعة رتبتها منظمة “برو ميدييشن” الفرنسية بالتعاون مع وزارة الخارجية السويسرية. ورغم مشاركة قوى سياسية ومدنية سودانية متباينة، يرى مراقبون أن الوثيقة الصادرة عن الحوار لم تحقق اختراقاً جوهرياً.
تشكيلة المشاركين وانقسامات القوى
شارك في الحوار قيادات من تحالف القوى الديمقراطية المدنية “تقدم”، مثل مريم الصادق المهدي وعمر الدقير، وشخصيات من الكتلة الديمقراطية، مثل جعفر الميرغني، بالإضافة إلى ممثلين عن قوى أخرى كحزب الأمة بقيادة مبارك الفاضل وحركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد النور.
لكن الجلسة شهدت غياب أطراف مهمة، مثل حركة تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي، وحركة العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم، وتحالف الحراك الوطني بقيادة التجاني السيسي، والمؤتمر الشعبي برئاسة الأمين محمود.
محاور الوثيقة الصادرة عن الحوار
ركزت وثيقة مونترو على المبادئ التالية:
وقف فوري لإطلاق النار لأغراض إنسانية وتهيئة بيئة للحوار السياسي. توحيد الجيش ليصبح مؤسسة مهنية بعيداً عن التسييس. وحدة السودان وإقامة دولة مدنية ديمقراطية محايدة تحترم التعدد الثقافي والديني. اعتماد نظام حكم فدرالي يمنح الأقاليم صلاحيات أوسع في إدارة شؤونها. عدالة انتقالية شاملة تشمل تسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية ومحاسبة مرتكبي الجرائم منذ عام 1989. تباين الآراء حول مخرجات مونترو
مبارك الفاضل المهدي، رئيس حزب الأمة، أشاد بالمؤتمر واعتبره “نجاحاً منقطع النظير”، مشيراً إلى أن الوثيقة تمثل أرضية للتوافق الوطني، مع الدعوة لمائدة مستديرة تجمع كافة الأطراف.
في المقابل، انتقد نور الدائم طه، مساعد رئيس حركة تحرير السودان بقيادة مني مناوي، الوثيقة لعدم تطرقها بوضوح لانتهاكات قوات الدعم السريع، معتبراً أن ذلك يشكل تبرئة ضمنية لها. كما أعرب عن رفضه لدمج المسارين السياسي والأمني، مشدداً على ضرورة تهيئة الأجواء قبل أي حوار شامل داخل السودان.
أما المحلل السياسي خالد التجاني، فقد وصف الوثيقة بأنها تكرار لما طُرح في مؤتمرات سابقة، منتقداً ربط المسارين السياسي والعسكري، ومشيراً إلى أن التجارب السابقة أسفرت عن اقتسام السلطة بين العسكريين وحاملي السلاح، على حساب الشعب والقوى السياسية.
التحديات المقبلة
رغم محاولات الوثيقة خلق توافق بين الفرقاء السودانيين، تواجه جهود مونترو تحديات كبيرة أبرزها الانقسامات الحادة بين القوى السياسية، وعدم مشاركة أطراف فاعلة في الأزمة، وغياب آلية واضحة لتنفيذ المخرجات على أرض الواقع.
يبقى التساؤل: هل ستتمكن الأطراف السودانية من تحقيق توافق حقيقي يمهد الطريق لإنهاء الأزمة، أم ستظل هذه المبادرات مجرد محاولات غير مكتملة؟