أثارت الاجتماعات التي استضافتها العاصمة الكينية نيروبي، والتي جمعت قوى سياسية سودانية وقيادات من قوات الدعم السريع بهدف تشكيل حكومة موازية، ردود فعل غاضبة، وسط تحذيرات من تداعياتها على وحدة السودان واستقراره.
إدانات سودانية وعربية
أعربت وزارة الخارجية السودانية عن أسفها لاستضافة كينيا لهذا الاجتماع، معتبرة أن ذلك يمثل تنكرًا لالتزاماتها وفق القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، ويشكل انتهاكًا لسيادة السودان، كما يفتح الباب أمام تشجيع تقسيم الدول الإفريقية.
بدورها، حذرت جامعة الدول العربية من أي تحركات تؤدي إلى تقسيم السودان أو تفتيته، مؤكدة ضرورة الحفاظ على سيادة السودان ووحدته الترابية، ودعت جميع الأطراف إلى التركيز على معالجة الأزمة وفق الثوابت العربية الداعمة لاستقرار السودان ومؤسساته القومية.
لماذا نيروبي؟ ولماذا الآن؟
توقيت ومكان الاجتماع يثيران تساؤلات عديدة، خاصة مع تصاعد التوترات الميدانية في السودان. ويرى اللواء أركان حرب أسامة محمود كبير، الخبير العسكري والاستراتيجي المصري، أن عقد المؤتمر في نيروبي، تحت مسمى “السلام والوحدة”، جاء في لحظة حرجة عسكريًا لقوات الدعم السريع.
ويضيف الخبير العسكري أن القوات السودانية على وشك استعادة السيطرة على كامل الخرطوم، وهو تطور يحمل رمزية استراتيجية كبيرة، إذ يفقد الدعم السريع آخر معاقله المؤثرة، باستثناء بعض المناطق في وسط وجنوب دارفور.
لذلك، يرى أن اللجوء إلى كينيا يعكس محاولة من الدعم السريع لإيجاد مخرج سياسي، عبر تشكيل حكومة موازية تضم فصائل سياسية وعسكرية معارضة لمجلس السيادة والجيش السوداني، بهدف خلق توازن جديد بعد الخسائر العسكرية الأخيرة.
كينيا بين الوساطة والضغوط الدولية
تُعرف كينيا بسياستها المتوازنة إقليميًا، ومن الصعب عليها أن تخاطر بمكانتها الجيوسياسية والدبلوماسية عبر التدخل المباشر في شؤون السودان، لما قد يترتب عليه من انتقادات أو عقوبات دولية.
ومع ذلك، أكدت وزارة الخارجية الكينية أن استضافة الاجتماع جاء بالتنسيق مع الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، بهدف تحقيق السلام والاستقرار في السودان، وليس التدخل في شؤونه الداخلية.
ويرى الخبير المصري أن هذا التصريح يثير تساؤلات كبرى، فهل هناك تدخل دولي مبرمج لإضعاف مجلس السيادة السوداني، خصوصًا مع استعادة الجيش السيطرة الميدانية على معظم الأراضي؟ وهل يشير ذلك إلى محاولة فرض تسوية سياسية تجبر الأطراف السودانية على الامتثال لقرارات إقليمية ودولية بمجرد انتهاء الصراع العسكري؟
ما القادم؟
تبقى نتائج المؤتمر المنتظر إعلانها محط أنظار المراقبين، خاصة في ظل المخاوف من أن تؤدي مخرجاته إلى تعميق الأزمة السودانية بدلاً من حلها.
ويرى اللواء أسامة كبير أن السودان قد يكون مقبلًا على تحولات سياسية ودبلوماسية معقدة، خاصة إذا أفضى المؤتمر إلى مخرجات تتعارض مع توجهات مجلس السيادة السوداني، مما قد يزيد من تعقيد المشهد السوداني ويؤدي إلى مرحلة جديدة من الصراع والتجاذبات الإقليمية والدولية.
اضغط هنا للإنضمام الي مجموعاتنا في واتساب