خاص | نافذة السودان
رغم قسوة الحرب وتداعياتها، تحتفل منطقة جبال النوبة غرب الخرطوم بـ”أعياد الحصاد”، وهو مهرجان يمتد لأسبوع كامل، يجسد التراث السوداني ويدعو إلى السلام من خلال الفن والموسيقى.
مهرجان السلام والتعايش
بدأ المهرجان بطقوس تقليدية قادها “الكجور”، وهو شخصية روحانية تشرف على بداية موسم الحصاد، بعد التأكد من نضج المحاصيل. وشهدت الاحتفالات خروج الكجور من اعتكافه الموسمي وسط أجواء احتفالية بارك فيها السكان بداية موسم الخير.
يهدف المهرجان إلى تعزيز التعايش بين المكونات الثقافية المتعددة من خلال الفنون الشعبية، مثل رقصات النقارة، كرنق، وكمبلا، إلى جانب منافسات المصارعة التقليدية التي تُعدُّ رياضة شهيرة في المنطقة.
التكافل ورسائل السلام
خلال موسم الحصاد، يقوم السكان بتوزيع المحاصيل مثل الذرة والدخن على النازحين والفارين من ويلات الحرب، في إشارة للتكافل المجتمعي الذي يميز سكان جبال النوبة. واعتبر الباحث في التراث، خميس كوكو، أن المهرجان يعزز رسائل السلام ويدعو إلى وقف القتال، مشددًا على أن الفنون قادرة على تخفيف الاحتقان وتعزيز الأمل في مستقبل أفضل للسودان.
مصارعة “الصراع”: رياضة وأداة للتلاحم
شهد اليوم الثاني للمهرجان منافسات المصارعة التقليدية، حيث يتبارز مصارعان من قبائل مختلفة تحت إشراف حكم يُعرف محليًا بـ”السباري”. تُعدُّ هذه الرياضة جزءًا من الثقافة النوبية، وتعزز روح التحدي والتفوق بعيدًا عن النزاعات المسلحة.
فنون ورقصات تعكس التراث
تتنوع الفنون الشعبية في المهرجان، حيث تستعرض رقصات “كرنق” و”كمبلا” جماليات الحركات التعبيرية. أما رقصة “كمبلا”، فتشهد دخول الشبان مرتدين أزياء تقليدية مزينة بالريش، في استعراض يمزج بين الفخر والترفيه.
طقوس الزواج والموروث الثقافي
يتزامن المهرجان مع طقوس الزواج التقليدية، حيث يختار الشباب أزواجهم وسط احتفالات تمزج بين الأغاني ورقصات استعراض القوة. وأوضح الباحث الطاهر سليمان أن هذه الطقوس تعكس عمق التقاليد السودانية، حيث تُقدم الهدايا للعرسان، عادةً من الأبقار والماعز والحلي.
ختام برسائل أمل
في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها السودان، تمثل “أعياد الحصاد” رسالة تحدٍ ضد الموت والحزن. إنها أداة للحفاظ على التراث وإعلاء قيم السلام والتعايش، معبرةً عن أمل السودانيين في الخروج من النفق المظلم نحو مستقبل أكثر إشراقًا.
