تمكن الفيلم الوثائقي السوداني “الخرطوم” من إحداث صدى كبير، حيث أذهل الجمهور والنقاد بأسلوبه البصري القوي وسرده العميق، مقدمًا نافذة صادقة على معاناة السودانيين وسط أتون الحرب في عرض حظي باهتمام واسع داخل مهرجان “صندانس” السينمائي، أحد أبرز المنصات العالمية للأفلام المستقلة،.
“الخرطوم”.. شهادة على الصمود في وجه الدمار
يسلط الفيلم الضوء على الخرطوم في ظل الحرب، موثقًا لحظات مؤثرة من حياة سكانها الذين يحاولون النجاة وسط الدمار. عبر عدسة هواتف آيفون، ينقل الفيلم صورة واقعية ومؤلمة لصراع الحياة والموت في واحدة من أكثر المدن تدميرًا بالعالم.
ليس مجرد وثائقي عن مدينة محاصرة، بل هو شهادة إنسانية تُعيد للضحايا هوياتهم المسلوبة، محولًا أرقام الوفيات إلى قصص لأمهات، وعمال، وثوار، وأطفال، يستحقون أن تُروى حكاياتهم.
المخرجة راوية الحاج: الفيلم هو صوت لمن لا صوت لهم
قالت راوية الحاج، إحدى المخرجات المشاركات في الفيلم، لـ”العربية.نت” و”الحدث.نت”:
> “كنا نريد تقديم فيلم عن المدينة التي نحبها، عبر عيون مواطنيها. من قُتلوا في الخرطوم لم يكونوا مجرد أرقام في نشرات الأخبار، بل أناس لهم حيوات وقصص، وهذا ما حاولنا نقله للعالم”.
وأكدت أن الفيلم أثار أسئلة كثيرة لدى الجمهور الأميركي حول الأوضاع في السودان، وحقيقة ما يجري بعد اندلاع الحرب.
خمسة مخرجين.. وخمس شخصيات ترسم ملامح الخرطوم
شارك في إخراج الفيلم خمسة مخرجين، أربعة سودانيين وبريطاني واحد، وهم:
أنس سعيد
راوية الحاج
إبراهيم سنوبي
تيمية محمد أحمد
فيل كوكس (المخرج البريطاني)
ويدور الفيلم حول خمس شخصيات سودانية تعكس واقع المدينة، منها:
سيدة مكافحة تبيع الشاي والقهوة لتربية أطفالها
طفلان يجمعان القوارير البلاستيكية ليعولا أسرتهما
موظف حكومي يمثل الرجل السوداني العادي
شاب ثائر يستخدم دراجته النارية لإنقاذ المصابين أثناء التظاهرات
من “سبايدر مان السوداني” إلى توثيق معاناة الخرطوم
جاءت فكرة الفيلم بعدما جاء المخرج البريطاني فيل كوكس إلى السودان لإخراج فيلم عن “سبايدر مان السوداني”، أحد رموز الثورة، الذي اشتهر بارتداء زي البطل الخارق أثناء الاحتجاجات. ومع تعمقه في تفاصيل المدينة، قرر تحويل التركيز إلى توثيق واقعها عبر شخصياتها الحقيقية.
الحرب قلبت كل شيء.. لكن الفيلم اكتمل رغم الفوضى
بدأ التصوير في صيف 2022 وكان من المفترض أن ينتهي في منتصف 2023، لكن اندلاع الحرب غيّر كل شيء. فقد الفريق الاتصال تمامًا، وكأن المدينة ابتلعها الخراب.
لكن بعد شهور من الفوضى والدمار، اجتمع صناع الفيلم مجددًا وقرروا إنهاء العمل بأي ثمن. وبالفعل، تمكنوا من تقديم صورة نادرة عن الخرطوم قبل أن تبتلعها الحرب.