في خطابه الأخير، حاول قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، التقليل من وقع الهزائم التي تعرضت لها قواته خلال الفترة الماضية.
وعلى الرغم من نجاحه الجزئي في ضبط انفعالاته، فإن نبرة صوته وتعبيراته لم تعكس الحماس أو التفاؤل الذي يحتاجه مقاتلوه في ظل الخسائر المتتالية.
الخطاب لم يحمل رسائل تحفيزية واضحة لقواته، وهو مؤشر على تراجع الروح المعنوية داخل المليشيا. ومع ذلك، فإن التلميحات إلى وصول إمدادات عسكرية جديدة توحي بأن الدعم السريع قد يكون بصدد تنفيذ تحركات عسكرية مفاجئة خلال الفترة المقبلة، خاصة إذا تضمنت الإمدادات أسلحة نوعية قادرة على تغيير مسار المعارك.
تصعيد وتهديدات تجاه بورتسودان
من أبرز النقاط التي تضمنها الخطاب هي التهديدات المباشرة للمناطق الخاضعة لسيطرة الجيش السوداني، حيث أشار حميدتي إلى زعزعة الأمن في بورتسودان، مما قد يشير إلى عمليات تخريب أو هجمات محتملة تستهدف المدينة التي تعد العاصمة السياسية المؤقتة للبلاد.
هذه التصريحات قد تؤدي إلى تصعيد خطير في الأوضاع الأمنية، وربما تتسبب في اندلاع احتجاجات أو اضطرابات داخل بورتسودان، وهو سيناريو قد يعمّق الأزمة السياسية والاجتماعية في السودان.
التلاعب بالخطاب العنصري والتحالفات الإقليمية
واصل حميدتي تبني خطاب عنصري وتحريضي، حيث استخدم نظرية المركز والهامش لاستقطاب المزيد من المؤيدين، خاصة في المناطق الهامشية. كما حاول استغلال قضايا الكنابي في دارفور، في محاولة لاستمالة جماعات محددة إلى صفوف قواته.
من جهة أخرى، أبدى إشارات للتقارب مع دولة جنوب السودان، ما قد يكون مؤشرًا على مساعٍ لتأمين دعم إقليمي أو عقد تحالفات جديدة، في ظل تزايد العزلة التي تعاني منها قواته على المستوى الدولي.
رسائل عسكرية مبطنة وتصاعد الخلافات الداخلية
لم يكن الخطاب خاليًا من التلميحات العسكرية، حيث استخدم حميدتي تعابير مثل “هناك” في إشارات غامضة إلى أهداف عسكرية مستقبلية. ومن المرجح أن تكون هذه إشارات إلى عمليات هجومية مرتقبة في بعض الولايات السودانية.
كما ردد عبارة “الغربال شغال”، وهو تعبير قد يعكس تصاعد الخلافات الداخلية داخل الدعم السريع، وربما يكون تهديدًا ضمنيًا لمعارضيه داخل المليشيا. هذه التوترات الداخلية قد تؤثر على تماسك قواته وكفاءتها القتالية، مما يضعف موقفه العسكري.
استهداف الجيش وخلق شرعية سياسية جديدة
ركّز حميدتي في هجومه على رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، في محاولة لتقديم نفسه كخصم رئيسي لـ**”الكيزان”**، متجاهلًا أي حديث عن الأحزاب السياسية أو الحركات المسلحة الأخرى.
هذا التكتيك يهدف إلى إعادة تشكيل صورته السياسية بعيدًا عن كونه قائدًا لمليشيا، ومحاولة كسب تأييد فئات جديدة من المجتمع السوداني عبر تقديم نفسه كطرف معادٍ للنظام السابق.
تجاهل المجتمع الدولي والتقليل من الضغوط الخارجية
كان لافتًا أن حميدتي لم يشر إلى المجتمع الدولي في خطابه، وهو ما قد يكون رسالة موجهة إلى الداخل مفادها أن قواته قادرة على مواجهة التحديات بمفردها، دون الحاجة لدعم خارجي.
ومع ذلك، فإن هذا التجاهل قد يزيد من عزلته الدبلوماسية، خاصة أن قواته تواجه اتهامات دولية بانتهاك حقوق الإنسان وارتكاب جرائم حرب.
التعتيم على مقتل “جلة” وإدارة الأزمات الداخلية
تجنب حميدتي الحديث عن مقتل أحد قادته البارزين، جلة، واستخدم إشارات غير مباشرة مثل “الغرابان” في محاولة لإغلاق الملف دون إثارته مجددًا.
هذا التجاهل يعكس مدى حساسية القضية داخل الدعم السريع، وربما يشير إلى خوفه من انشقاقات جديدة داخل قواته، خاصة أن مقتل “جلة” كان مثار جدل كبير داخل صفوف المليشيا.
خطوات الدعم السريع المتوقعة في 2025
استنادًا إلى تحليل خطاب حميدتي، يمكن توقع السيناريوهات التالية خلال العام الجاري:
1. تصعيد عسكري محتمل ضد الجيش السوداني، خاصة في المناطق الحيوية مثل بورتسودان ودارفور.
2. محاولة استقطاب دعم إقليمي عبر التقارب مع دول مثل جنوب السودان.
3. تعزيز الخطاب العنصري والتحريضي لاستقطاب المزيد من المقاتلين، خاصة في المناطق الهامشية.
4. تنفيذ عمليات نوعية باستخدام أسلحة متطورة، إذا صحت التقارير حول وصول إمدادات عسكرية جديدة.
5. مواصلة استهداف الحكومة والجيش السوداني إعلاميًا، مع التركيز على تحميل البرهان مسؤولية الصراع.
6. قمع أي معارضة داخلية داخل الدعم السريع، خاصة في ظل تصاعد الخلافات بين قادته.
7. توسيع نطاق العمليات الاستخباراتية لاستهداف شخصيات سياسية أو عسكرية معارضة له.
8. محاولة خلق شرعية سياسية جديدة عبر تقديم نفسه كبديل للنظام السابق.