متابعات | نافذة السودان
تتوالى فصول المأساة في إقليم دارفور، بعد أن أكدت الأمم المتحدة مقتل ما لا يقل عن 100 مدني في هجمات وصفت بالدموية شنتها قوات الدعم السريع على معسكرات النازحين في مدينة الفاشر شمال دارفور، خلال اليومين الماضيين، وسط صدمة محلية ودولية من حجم الانتهاكات والخسائر في الأرواح.
وقالت وزارة الخارجية السودانية وعدد من منظمات الإغاثة، اليوم السبت، إن مئات المدنيين سقطوا بين قتيل وجريح في أعقاب هجوم عنيف نفذته قوات الدعم السريع على معسكر زمزم للنازحين القريب من الفاشر، في واحدة من أكثر العمليات دموية منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023.
هجوم استمر يومين.. والأسواق والمنازل دمرت بالكامل
المنسقية العامة للنازحين واللاجئين كشفت أن الهجوم بدأ يوم الخميس واستمر حتى مساء السبت، مستهدفا الموجة الأولى من النازحين ومرافق حيوية مثل المنازل والأسواق ومراكز الرعاية الصحية.
وأكد البيان أن الغالبية الساحقة من الضحايا هم من النساء والأطفال، مشيرا إلى أن ما حدث يُصنف ضمن “جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي لا تسقط بالتقادم”.
كارثة إنسانية غير مسبوقة.. الفاشر على شفا الانهيار
وأشارت المنسقية إلى أن الوضع الإنساني في الفاشر يشهد تدهورًا متسارعًا نحو كارثة غير مسبوقة، بسبب انتشار المجاعة، نقص حاد في الأدوية، وانعدام تام للأمن، مما جعل من المدينة بؤرة مأساوية تستدعي التدخل العاجل.
كما أفادت بأن مخيم “أبو شوك” القريب من الفاشر تعرض لهجوم مماثل الأسبوع الماضي، أسفر عن مقتل 35 مدنيًا، ليصبح مجموع الضحايا في أقل من عشرة أيام ما يقارب 135 شخصًا على الأقل.
مخيمات الموت.. 100 قتيل و700 ألف نازح محاصرون
وفي بيان صادم، أكدت كليمنتاين نكويتا سلامي، منسقة الشؤون الإنسانية التابعة للأمم المتحدة في السودان، أن الهجمات على مخيمي “أبو شوك” و”زمزم” أسفرت عن مقتل 100 مدني على الأقل، مشيرة إلى أن المخيمين يؤويان أكثر من 700 ألف نازح يعيشون الآن بلا مأوى آمن أو خدمات إنسانية.
مجزرة في مركز طبي.. مقتل 9 من موظفي الإغاثة
من جهتها، أعلنت منظمة “ريليف إنترناشونال” – آخر منظمة تقدم خدمات أساسية في معسكر زمزم – أن مركزها الطبي تعرض لهجوم مباشر أسفر عن مقتل تسعة من موظفيها، بينهم أطباء وسائقون، واصفة ما جرى بأنه “هجوم متعمد استهدف الفئات الأكثر ضعفًا، من كبار السن والنساء والأطفال”.
المنظمة شددت في بيانها على أن الهجوم طال أيضًا العيادة التابعة لها، والتي كانت تمثل آخر مركز للرعاية الصحية المتبقي في المعسكر، مما فاقم من الكارثة.
الدعم السريع تنفي.. والجيش يتهم بالفبركة
في المقابل، نفت قوات الدعم السريع في بيان رسمي مسؤوليتها عن الهجوم، ووصفت ما أثير حول وقوع مجازر في مخيم زمزم بأنه “ملفّق بالكامل”، مشيرة إلى أن مقاطع الفيديو المنتشرة حول معاناة المدنيين هي “مشاهد مفبركة أنتجها الجيش السوداني باستخدام ممثلين”.
واتهمت الدعم السريع الجيش بشن “حملة إعلامية منظمة” لتشويه سمعتها، وأكدت التزامها بالقانون الإنساني الدولي، رغم ما وصفته بـ”محاولات التغطية على الجرائم الحقيقية المرتكبة ضد الشعب السوداني”، بحسب البيان.
دعوات لوقف إطلاق النار.. والمجتمع الدولي يتحرك ببطء
وسط هذه الأوضاع المتدهورة، دعت وكالات الأمم المتحدة وقادة محليون إلى وقف فوري لإطلاق النار، وتوفير ممرات آمنة لوصول المساعدات الإنسانية للنازحين.
ومع استمرار الحرب منذ أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، تتصاعد أزمات النزوح، حيث شُرّد الملايين من ديارهم، ودُمرت مدن بأكملها، وعلى رأسها دارفور، التي تحولت إلى ساحة مواجهات عنيفة يسيطر عليها الرعب والمعاناة.